قراءات مُختارة
قيم تربوية بين الآباء والأبناء(3)
عرض: د. محمد فتحى فوزى الباى
لأن رباط الدين
أوثق وأعظم٬ وهذا ليس خفيا على نوح٬ وفيه سر آخر أن السرائر لا يعلمها إلا رب
العالمين؛ لا نبي
مرسل ولا ملك مقرب.
قوله تعالى: {قال
سآوي إلى جبل يعصمني من الماء} (هود: 43.)
قال أهل التفسير:
أي أرجع وأنضم إلى جبل يمنعني من الماء فلا أغرق٬ واعتقد أن الطوفان لن يبلغ إلى
رؤوس الجبال٬ فقال
له أبوه نوح عليه السلام : إن هذا العذاب شديد فريد في نوعه؛ قال تعالى: {لا
عاصم اليوم من
أمر الله إلا من رحم} (هود: 43.)
جاء في «بدائع
التفسير» 430/2 :(على أصح الوجوه في الآية فإنه تعالى لما ذكر العاصم استدعى
معصوما مفهوما
من السياق فكأنه قيل: لا معصوم اليوم من أمره إلا من رحمه؛ فإنه لما قال: {لا عاصم}
بقي الذهن طالبا
للمعصوم؛ فكأنه قيل: فمن الذي يُْعَصم؟ فأجيب بأنه لا يعصم إلا من رحمه الله تعالى٬
ودل هذا اللفظ
باختصاره وجلالته وفصاحته على نفي كل عاصم سواه وعلى نفي كل معصوم سوى من
رحمه الله تعالى؛
فدل الاستثناء على أمرين: على المعصوم من هو٬ وعلى العاصم٬ وهو ذو الرحمة
سبحانه وتعالى٬
وهذا من أبلغ الكلام وأفصحه وأوجزه٬ ولا يلتفت إلى ما قيل في الآية بعد ذلك. ا هـ.
قوله تعالى: {وحال
بينهما الموج فكان من المغرقين} (هود: 43)
وفي لحظة خاطفة
يتغير المشهد٬ فهاهو ذا الموج الغامر يبتلع كل شيء من غير رحمة٬ ويقطع الرجاء
وتختفي المعالم
وتلتهب اللوعة والجزع فتحل في قلب الوالد الملهوف٬ وإذا به ينادي ربه: {ونادى نوح
ربه فقال رب إن
ابني من أهلي} (هود: 45)
قالها يستنجز ربه
وعده في نجاة أهله٬ أي الذين وعدت أن
تنجيهم من الغرق٬ وسأل نوح ربه نجاة ولده.