البؤساء
د محمد فتحى محمد فوزى
أتحدث في هذا المقال
عن فيكتور هوجو26 شباط 1802م - 22 آيار 1885م وروايته البؤساء ؛ فذلك الرجل شاعرً
وروائيً وكاتبً مسرحيً ومن أهم الكتَّاب الرومانسيين الفرنسيين، ونُظِر إليه كواحد
من أعظم شعراء فرنسا، إلّا أنه عُرف في الخارج بأعماله الأدبية مثل: أحدب نوتردام
1831م التي أكسبته شهرةً واسعة، والبؤساء 1862م والتي ألهمته ذكرياته كطالبٍ فقير
لشخصية ماريوس فيها، وفي انقلاب 1852م والذي أدى إلى الامبرطورية الفرنسية الثانية
تحت قيادة نابليون الثالث، قام هوجو بمحاولة واحدة للمقاومة ثمَّ هَرَب إلى
بروكسل، و تُعد رواية البؤساء واحدةً من أعظم روايات القرن التاسع عشر ونشرت لأول
مرة عام 1862م، كما تمَّ استخدام العديد من البدائل لاسم الرواية منها البؤساء أو
الأشقياء أو الفقراء، وتتعقَّب الرواية حياة وتفاعلات العديد من الشخصيات ولاسيما
صراعات المحكوم السابق جان فالجان، فتتناول تاريخ فرنسا والظلم المستشرى بها في
تلك الحقبة؛ فتبدأ الرواية عام 1815 م في
مدينة ديني الفرنسية، حيث كان جان فالجان للتو قد أطلق سراحه بعد تسعة عشر سنة
قضاها مسجونًا في سجن طولون، لسرقة خبز لأخته وأطفالها الذين يتضورون جوعًا،
وأربعة عشر سنة أخرى عن محاولاته العديدة للهرب. وبذلك رفض أصحاب الفنادق في مدينة
ديني استقباله لديهم بسبب جوازه الأصفر الذي يشير إلى كونه من السوابق؛ فينام على
قارعة الطريق يملأه الغضب والمرارة؛ فيستضيفه شارل ميريل المتدين بمدينة ديني في
بيته، وفي الليل يهرب جان فالجان سارقاً الأواني الفضية من بيت الرجل، وعندما تقبض
عليه الشرطة، يتظاهر ميريل بأنه هو من أعطى هذه الفضيات لجان فالجان، ويصر عليه
بأن يأخذ شمعدانين فضيين أيضًا، كأنما قد نسي ذلك البارحة، تقبل الشرطة هذا
التبرير وتمضي؛ فيخبر ميريل جان فالجان بأن حياته قد وهبت لله، وأن عليه أن يستخدم
المال الذي تعادله هذه الفضيات ؛ليجعل من نفسه رجلاً صالحًا ؛فيأخذ جان فالجان
كلمات ميريل ويمضي، وفي طريقه يسرق نقوداً من أحد الأولاد ويطرده، لكنه سرعان ما
يندم لذلك، وعاد يبحث عن الولد ليعيد إليه نقوده، وفي الوقت نفسه كانت سرقته قد
بلغت للشرطة، فيختبئ جان فالجان لحين ينتهى البحث عنه؛ لأن القبض عليه يعني إعادته
إلى سجن طولون مدى الحياة. تمر ستة أعوام، ويصير جان فالجان - مستخدماً اسم مادلين
- مالكاً ثرياً لمصنع في مدينة مونتريل سرمير ويتم تعيينه عمدة للمدينة. وبينما هو
يسير في طرق المدينة شاهد رجلاً محصورًا تحت عجلات العربة، وحينما لم يتطوع أحد
لإنقاذه يقرر أن ينقذه بنفسه فيستلقي تحت العربة ويرفعها لينقذ ذلك الرجل، لاحظ
ضابط شرطة في المدينة، ذلك، المحقق جافيير، والذي كان حارساً في سجن طولون وقت
احتجاز جان فالجان، وغدا يشك بالعمدة بعد أن شاهد قوته في رفع العربة. فقد عرف
شخصاً واحداً بهذه القوة، وهومجرماً اسمه جان فالجان و قبل ذلك بسنوات كانت ،
عاملة اسمها فانتين، تحب رجلاً تخلى عنها، وعن طفلتها كوزيت، وعندما وصلت فانتين إلى
مدينة مونتفيرميل تركت طفلتها كوزيت في رعاية عائلة تيناردييه، صاحب نُزُل فاسد
وزوجته سيئة الطباع. فانتين لم تكن تعلم أن التيناردييه كانوا يسيئون معاملة
كوزيت، ويستغلونها؛ لتعمل لديهم في النزل، وتستمر جاهدة في تلبية طلباتهم
الابتزازية والوهمية، وتتعرض مع ذلك للطرد من مصنع جان فالجان، بسبب اكتشاف قصة
طفلتها التي أنجبتها دون زواج وفي نفس الحين، طلبات تيناردييه المالية تزداد، وبكل
يأس تضطر فانتين لبيع شعرها وأسنانها الأمامية، والعمل في مهن وضيعة لتدفع
لتيناردييه. ومع مرور الوقت تمرض فانتين. تتعرض فانتين للمضايقة في الشارع من
أحدهم، فترد بضربه ويقبض عليها جافيير. ورغم توسلها له بأن يُطلِقْها لتتمكن من
توفير النقود لابنتها كوزيت، يحكم عليها جافيير بالسجن ستة أشهر. يتدخل العمدة
مادلين (جان فالجان) ويأمر باطلاق سراحها، لا يوافق جافيير بذلك لكن جان فالجان
يتمكن من إنقاذها، يشعر جان فالجان بالمسئولية ؛لأنها طردت من مصنعه، ويعدها بأن
يحضر كوزيت لها وأن يأخذها للمستشفى... سلم مسيو مادلين أو جان فالجان، نفسه للمحكمة بعد صراع طويل مع الذات وتأنيب ضمير
لإنقاذ رجل بريء وكشف عن حقيقة نفسه؛ فسُجِن ثم هرب ،وقضى بقية حياته متبنياً
كوزيت ابنة فانتين …