بقلم د. محمـــد فتحى فوزى
"وَمَا جَعَلْنَا الرؤيا التى أريناك إِلاَّ
فِتْنَةً لّلنَّاسِ" علمنا فيما سبق أن
الإسراء هو السير ليلا والانتقـــال فى غمضة عين إلى المسجد الأقصى بفلسطين من مكـــــــة
المكرمة تسرية عن رسول الله ورفعا لهمومه وتسليتــــــه بإراءته صنع الله الذى اتقن
كل شىءصنعا... ، والإراءة هى أن تجعـل من لا
يُرى، يُرى وقد كان بــقدرة الله سبحـــــانه وتعالى وهنا اُستعملت" سبحانه"
لأن اعماله منــزهة عن البشر ولا يقاس فعـله بفعـل الخلق عز وجل. والإسراء كان تمهيدا
للمعـراج وتصديقا له ، فمن يصدق بالإسراء وله أدلة مادية بشريه؛ فعليه أن يصدق بالمعـراج
الذى ليس له أدلة وكان بين الله ورسوله وثالثهما جبريل عليه السلام. وأدلـة الإسراء هى وصفه صلى الله عليه
وسلم للمسجد الأقصى ووصف الطريق إليه ثم زيادة فى التأكيد أخبرهم بالقافلـــة القادمة
إلى مكة فى طريقها إليهم.؛ ففى الإسراء خضـع
الرسول بطبيعـته البشرية للإراءة" لنريه من آياتنا"ولكـــــــن حينما يصعـد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى معراجه
إلى السماءويلتقى بالأنبياء الأموات ،فقد
تغير شيئا فـــى ذاتيته وكأنه طرح البشرية، وأخذ شيئا من الملائكية النورانية الشفافة
التى ترى بنفسها( سمو الروح على الجـــــــسد) ، فعندما عرج إلى السماء قال ماذا؟ قال"
لقد رأى" ولم يقل " أريناك"، "لقد رأى من آيات ربه"، ففى
الإسراء قال" أريناك" وفى المعراج قال"رأى". فقد مر رسول الله
بثلاث مراحــــل وهى بشرية فى الإسراء بإراءته صلى الله عليه وسلـــــــم بالقدرة الإلاهية،
ثم ملائكية فى السماء بالرؤية الحقيقيــــة ( بنفسه) دون احتياج لأحد حتى يخبره، ثم
ملائكية أرقـــى " أنا لو تقدمت لاحترقت، وأنت لوتقدمت لاخترقت"، وهـــى
التى كانت بعد سدرة المنتهى وأضحى فيها" قاب قوسين أو أدنى" متعرضا فيها
إلى خطاب الله وإلى رؤيته عز وجل. وسمع هناك الله يسبح ،فماذا كان يقول؟ يقول رحمتـــــى سبقت غضبى ، هكذا كان يسبح الله،
يسبــــــــح برحمته الواسعة التى وسعت كل شىء.
ونستخلص من الإسراء
والمعراج هــــــو أنه ماضـــاقت إلا وفرجت.. ضاقت فلمــــــا استحكمت حلقاتها فرجت
وكنت أظنها لا تفرج" إلى من تكلنى إلى قريب يتجهمنى أم إلــى عدو ملكته أمرى....
فإن لم يكن بك علىّ غضب فلاأُُبالى...". الصبر مفتاح الفرج وانتظاره عباده، إذا
ضاقت الأرض فالسماء واسعة...... الأخــذ بالأسباب فالله قادرعلى نقل رسولـــــه فى
لمح البصر ودون براق وغيره ..أنبــــياء بنـى إسرائيــل مسلمين وموحدين لإمامة الرسول
لهم جميعا وهم على ملته ﷺ وقد احتلوا جميع السماوات التى رآهم فيها
؛ لإسلامهم ولا ننسى ذلك...
التهيئة النفسية والجسدية لــــحدث جــــلل بشـــــــــــــــق الصدرواستخراج
ما استخرج منه للقاء المرتقب عند سدرة المنتهى...... لابد من المرشد و الصُحبةوالتدرج فيهماكما كان مع
جبريل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام......
إعادة العرض والإلحاح فيه مادام فى مصلحة البشر وأنه ليس ضعفا فى أمة محمد ولكنه
ضعف فى أمة موسى باعترافه وطلبه لذلك، فالصلاة بعد التخفيف صارت خمس أوقات بأجر خمسين.. مُنح البشر معـــراجـــــا روحيــــا بالصــــلاة
فــــى سبعــــــةعشر ركعة يقابل فيها العبد
ربه ويصعد إليه فى السماء بروحه مُركِّزا فى صلاته.. وكوفىء بالإسراء فى مرآئيه المناميه" الرؤيا"
التى هى اختراق لحجب الغـيـــــب، فالرؤيا الصالحة جزء من ستــــــــة وأربعــــــين جــــزء من النبوةكما قال نبينا
عليه أفضل الصلاة والسلام ثم أصبحت حقيقة كفلق الصبح والمعراج بالبراق يعنى بالروح
والجسد...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق