" إنما
النسىء زيادة فى الكفر" من تفاسير الإمام
عرض:د. محمد فتحى فوزى
وعن هذه الآية:
زعم محمد بن جرير أن معنى قوله جل ثناؤه: إنما النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ
ما النّسيء إلا زيادة في الكفر، والنسيء مصدر من قول العـلماء: نسأ الله في أجلك، أي:
زاد الله في أيام عمرك ومدة حياتك، حتى تبقى فيها حيًّا. وكل زيادة حدثت في شيء، فالشيء
الحادث فيه تلك الزيادة بسبب ما حدث فيه: "نسيء". ولذلك قيل للمرأة الحُبْلَى:
نَسُوءٌ. ونُسِئَت المرأة؛ لزيادة الوَلد فيها. ويقال: "نَسَأْتُ الناقة وأَنْسَأتهُا"
إذا زَجَرتَها ليزدادَ سَيْرُها . وقد يحتمل أن يكون: النسيء فعـيلًاصُرِف عن مفعول،
كما قيل: لَعِينٌ وقَتيلٌ. بمعنى: مَلْعونٌ وَمَقْتولٌ . ويكونُ معناه: إنما الشهرالمؤخَّر
زيادة في الكفر.وكان محمد بن جرير يقول: كأنّ القول الأوّل أشبه بمعنى الكلام، وَهَو
أن يكون: إنما التأخيرالذي يؤخِّره أهل الشرك من شهور الحرم الأربعة، وتصييرهم الحرام
منهن حلالا والحلال منهن حرامًا، زيادة في كفرهم وجحودهم بأحكامَ الله وآياته
"يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا " أي: يضل بالنسيء. أي: تروك عن محجة الله
التي جعله العباده طريقًا يسلكونه إلى مرضاته . وَهذا على قراءة من قرأ يضل بفتح اليَاء.
ومن ضمها فمعناه: يضل الله به الذين كفروا، ثم رده إلى مَالم يسم فاعله. وَأمَا قوله
عزوجل: "يحلونه عاما " فإن معـناه: يحل الذين كفروا النسيء، وَالهاء في قوله:يحلونه،
عَائدة على النسيء. والمعنى: يحلون الذين أخَّروا تحريمه من الأشهر الأربعة الحرم،يحلونه
عامًا ويحرمونه عامًا ليواطئوا عدة ما حرم الله)... أي: ليوافقوا بتحليلهم ما حللوا من الشهور، وتحريمهم
ما حرموا منها،عدّة ما حرّم الله؛فيحلوا منها ما حرّم الله، ":زُيِّن لهم سوء
أعمالهم"، أي: حُسِّن لهم وحُبِّب إليهم سوء أعمالهم وقبيحها وما خولف به أمرُ
الله عز وجل طاعته "( والله لا يهدى القوم الكافرين): أي: والله لا يوفق لمحاسن
الأفعال وجميلها، ومالله فيه رضًى، القومَ الجاحدين توحيدَالله، والمنكرين نبوة نبيه
محمد صلى الله عليه وسلم . ، ولكنه يخذّلهم عن الهدُى، كما خذَّل هؤلاء الناسئين عن
الأشهر الحرم. قال الإمام أبو بكر الإدفوى:" وَمعنى هذا القول مَأخوذ من قول العلماء.روى
علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله جل ثناؤه:
" إنما النسىء زيادة فى الكفر": قال: النسيء أن "جُنَادة بن عوف بن
أمية الكناني" كان يوافي الموسم كلَّ عام، يُكنى أباثُمَامة، فيوافي الموسم كل
عام فينادي: ألا إنّ أبا ثمامة لا يُحَابُ ولا يعاب، ألا وإن صَفَر العامِ الأوَّلِ
العامَ حلالٌ، فيحله الناس، ويحرم صَفَر عامًا، ويحرِّم المحرم عامًا، كقوله إ نما
النسىء زيادة فى الكفر إلى قوله ":والله لا يهدى القوم الكافرين" يقول:
يتركون المحرم عامًا، وعامًا يحرِّمونه . قال أبو جعفر محمد بن جرير : هذا التأويلُ
من تأويل ابن عباس رضى الله عنهما، يدل على صحة قراءة من قرأ:( النَّسْيُ) بترك الهمز
وترك المد، وتوجيه معنى الكلام إلى أنه فَعْلٌ، من قول القائل: نَسِيتُ الشيء أَنْساه.
ومن قول الله جل ثناؤه:" نسوا الله فنسيهم"سورة التوبة67 :بمعنى: تركوا الله
فتركهم. قال الإمام أبو بكر الإدفوى:" وكان أبو عبيد يقول في معنى قول النبي في
خطبته: "إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض" السنة
اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مُضر
بين جمادى وشعبان . ألا وإن صَفَر العامِ الأوَّلِ العامَ حلالٌ، فيحله الناس، ويحرم
صَفَر عامًا، ويحرِّم المحرم عامًا، كقوله جل ثناؤه: " إنما النَّسِيءُ زِيَادَةٌ
فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ
عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ
زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ " والله
أعلم،،،،،
من رسالة ماجستير متميزة لباحثة راقية الأستاذة شموخ عبد الله سعيد
ردحذف