ليلة القدر وأسرارها بقلم د. محمد فتحى فوزى

              

 ترددت كثيرا فى الكتابة عن ليلة القدر التى هى خيرٌ من ألف شهر ولكن حتى تعم الفائدة ويستفيد المسلمين فى العالم مما أقول.. أخيرا أكتب والله من وراء القصد وهو الهادى إلى سواء السبيل فليس كل مايحدث يُقال وليس كل مايُقال أتى أوانه ومن باح راح:
فهذه الليلة المباركة وقد بدأ نزول القرآن الكريم فيها وحدودها العشرةالأواخر من شهر رمضان المبارك فهى لا تحتاج لإستعـداد مُعـيِّن لرؤيتها لأنها حصاد العـمر من عبادات وتقرب إلى الله.
فـنرى بعض الناس  يترقـبون هذه الليلة بالتهجد والنوافل والتقرب إلى الله لعـل وعسى أن يريها لهم وهـذا مطلوب ولكن ليس لعشرة أيام فقط فى نهاية الشهر الكريم ولكن فى كل وقت وحين لأنه فرض وليس عطية أو هبة من المخلوق للخالق سبحانه.
 ونعـلم تماما أن الله عز وجل كريم بل هو الكرم نفسه وقادر على وهب هذه الليلة لأى شخص يشاء فى أى وقت يشاء فهو متجلٍ فى عطائه جزيل فى كرمه عظيم فى كبريائه.
والمعروف أن هذه الليلة لا تأتى إلا من بعد صلاة المغـرب فى الليالى الأحادية من آخر الشهر المعظم ولا تظهر لك وأنت جالس على سجادة أو مغـلق عليك غرفتك أو أمامك حامل القرآن الكريم ومصحفه وأنت تتلو آيات الله البينات  فقط وكل هذا مطلوب ولكن من الممكن ظهورها لك وأنت سائر فى الشارع لــقضاء بعــــض مصالحك أو أنت خال ٍبنفسك فى مكان طل طاهر بعـيد عـن الناس حتى ولو كنت ممسكا بمدخنة  ولن تستطيع إلقائها من الذهول  والمفاجأةــ المهم أن تكون لوحدك منفردا.

وعندما تظهر لك الليلة المباركة تصيبك الدهشة والإستغـراب مما ترى ولا تستطيع الحركة من الإنبهار مما تبصر ولا تتمكن من الدعاء  إلا بقلبك وتتساءل فى نفسك :أأنا أستحق ذلك؟! وهل أنا فى يقظة أم حلم ؟ّ!؛فترى جيوش مصغـرة من الملائكة أوضح مافيها البيرق الأحمر يلمع لمعان البرق ويقال أن حامله إسرافيل رئيس الملائكة ومعه البيرق الأخضر وحامله جبرائيل الأمين وسناهما يكاد يخطف القلوب من جمالهما ومعهما اللوح المحفوظ والله أعلم.

وبقدر إجتهاداتك السابقة من عمرك المديد ترى الملائكـــــــة المذكورين  وماهو مكتوب فى اللوح حسب ترقيك عند الله ومن الممكن رؤيته يشوبه السواد أو ناصع البياض ،حسب الدرجات والعلاوات" إنا أنزلناه فى ليلة القدر وما أدراك ماليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هى حتى مطلع الفجر."
فمقصد القول أنك ترى هذه الصور المباركات دون النظر لأعلى إلى السماء وتراها على إمتداد البصر وهو عين التواضع ــ تبعـد عــــــــنك بخطوات قليلة وبيارقها ترفرف دون أن تكون هناك  رياح وكأن ملائكــــتها يلوحون لك بالسلام ثم ترى البيارق الصفــــــــراء  لميكائيل والسوداء وغيرها لبقية الملائكة فهى جيوش  ولكـن الأشهرها ظهورا هما بيرقى إسرافيل وجبرائيل الأمين وللتقريب وإيصال المعـلومة ـ كرؤوس المسامير الصغـيرة وهى متلئلئــــة بنورها، والله قادر على كل شىء فقادر على حشر هذه الجيوش فى مكان بحجم الصندوق الصغير واصغـر فسبِّح القُُدرةالعلية.. 

ومن ثم لن يجرى على قلبك من الدهشة سوى دعاء " اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفو عنا" وهو الدعاء الذى  علمتنا إياه السيدة عائشة رضى الله عنها عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وهذه الليلة عطاؤها من الله إما وهـبى بمعـنى هـِبة من الله لمن يريد  من عباده أو كسبى يمنحه الله لعــبـــده عــلى جــَـــــــده واجتهاده..وخلاصة القول أن ليلة القدر تظهر لك فى مكان طاهر تسير فيه.. أو تنام عليه.. فى الشارع ..فى البيت.. فى المنور.. فى الغـيط ..فى أى مكان بعد صلاة المغـرب فى العشر الأواخر منفردا وأدعو الله أن يرينا إياها وجميع القارئين والسائلين  بعظيم منِّه وكرمه ، فهذا ما أردت إبلاغه بعيدا عن التعقيدات والفيقهة، وقُُـل معى:                           

ملك الملوك إذا وهب     

لا تسألن عن السبب

الله يعطى من يشأ

                         قف على حد الأدب

واسأل بطون النحل كيف تقاطرت

                       شهدا وقُل للشهد من حلاكا

بل سائل اللبن المصفى كان بين

                        دم وفرث ما الذى صفاكا

والله فى كل العجائب ماثل

                          إن لم تكن لتراه فهو يراكا

وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم