الـوعــد الـمـوعــود
بقلم: محمد فتحى فوزى
" واقترب الوعد الحق فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا يا
ويلنا قد كنا فى غفلة من هذا بل كنا ظالمين"97 الأنبياء
من علامات القيامة أن يكون الزهد
رواية، والورع تصنعا ، وأن يصدق الكاذب، ويؤتمن الخائن ، ويخون الأمين ، ويسود كل
قبيلة منافقوها ، وكل سوق فجارها، وأن يُعمر خراب الدنيا ، ويُخرب عمرانها.
هذا ما أخبرنا به الصادق الأمين
صلى الله عليه وسلم فى صفات الساعة التى هى الوعد الموعود من رب القلوب؛ فيكون
الزهد فى ذلك الزمن رواية تروى ومظاهر تكون ولا تُكوَّن، مع تصنع الخوف والوجل
للشهرة؛ فينتشر الهوى، والشح، والبخل، وإعجاب المرء برأيه ونفسه( النرجسيه) وأكل
الربا ، واستحلال الكذب، والإستخفاف بالدماء كما هو حادث مع الشعب السورى الشقيق من قتل وتنكيل وتدميرواستعلاء البنيان، وشراء الدنيا
بالدين.
ومن ثم ينادى الحق تبارك وتعالى:"يوم نطوى
السماء كطى السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده". الأنبياء 104
فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، حقا إنها
القدرة المطلقة فى تسخير الكون والسيطرة عليه وتطويعه كيفما يشاء سبحانه وتعالى ،
وهنا تتوقف نظرية حتمية القانون : القائلة بأنه لكل سبب مُسبب ينشئه
أى لا بد من دوران العلة مع المعلول ؛ فالسير يدل على
المسير ؛ فإذا وجدت آثار الأقدام على الرمال ؛ فلابد لها من سائر كان يسير عليها،
وإذا وجدت البعرة فى الصحراء ؛ فدليلها بعير أخرجها.
بيد أن قدرة الخالق توقف ذلك القانون؛ فلا
يتساءل الإنسان عن السبب إذا جاء من عند الله ؛ لأنه إعجاز إلاهى.
فمثلا تساؤل السيدة مريم:"
قالت أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أكُ بغيا." فاستوجب ذلك تنفيذ أمر الحمل:" وكان أمرا
مقضياً."21 مريم. ثم الصيام :" إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم
إنسيا."
وأيضا تساؤل
سيدنا زكريا": قال ربِ أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت
من الكِبر عتيا". مريم 8
": قال كذلك قال ربك هو على
هين وقد خلقتك من قبل ولم تكُ شيئا". مريم 9.
فيخبرنا إبن الإثير فى مجلداته
" الكامل فى التاريخ":
كان هذا التساؤل من سيدنا زكريا يستوجب الاعتذار
لرب العزة": قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال ٍ سويا". مريم10
وقد أبطل تبارك وتعالى قانون الحرق
بالنار مع سيدنا إبراهيم عليه السلام بينما أبقى على صورتها": قالوا حرقوه
وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين. قلنا يانار كونى بردا وسلاما على إبراهيم".
الأنبياء 68،69
أنتهى من ذلك بأن قدرة الله تبطل
كل شىء لا يريده هو ؛ فلا تكون النظريات العلمية ، أو القوانين الخلقية:"
إنما آمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون."
فالله فوق كل شىء وفى كل شىء:"
قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون". 17 الحديد.