أ. د. نعمات أحمد فؤاد- البقاء لله لكِ الرحمة والغفران وألهم آلكِ الصبر والسلوان
د. محمد فتحى فوزى
أ. د. نعمات أحمد فؤاد- البهنسا الغراء المنيا |
المبهرة بعذوبتها د. نعمات أحمد فؤاد… فلا أجمل من أن تقرأ لهذه المتيّمة بمصر. وعندما تريد أن تعرف عن مصر تاريخا وحضارة وواقعا فلا يجب أن تضل طريقك عنها.
على رقة هذه الجميلة، تجدها تدق الأرض بقدميها برفض غاضب عندما
يتسآل أحدهم: “وهل لمصر في العصر الحديث انجازات؟” ثم تغرس قلمها في مداد نبعه نيل
مصر لترد بثبات العالِم وثقته، مستدعية لومضات من تاريخ مصر الطويل وبما قدمته في
جميع المجالات .. هندسة وقانون وتعليم… الخ
وتقول: “مصر لم تفقد شيئا من خصائصها ومنها المقاومة والعطاء، ولكن
الضيق بالقهر وتواليه تغيب معه الرؤية وتغيم المرئيات.”
وعندما يُتهم المصري بالخنوع والخضوع تقول من فهمت هذا المصري الذي
أعجز الكثير عن فهمه:
“إثنان يثور لهما الشعب المصري الزارع أعتى ما تكون الثورة … إذا
مس عرضه أو مس في رزقه. أما الحكم فلا يعنيه كثيرا… إن قصارى ما يطلبه الشعب
المصري من الحاكم، العدل أو عدم الجور على الأقل.”
وعن المصري أيضا تقول: “ذلك الشعب الذي كان يقول عند التهديد أو
الوعيد: يعني المدنة هتقع ولاّ البحر هيجري مقبل؟” أي لا يهمه إلا الدين الذي ترمز
اليه المئذنة والنيل الذي يسميه البحر إذا غير اتجاهه وجرى من الشمال إلى الجنوب.”
وتقول: “هذا الشعب الذي يغمزه الغريب، ويتعتب القريب، بغمزه بعدم
المقاومة، خرجت منه أول ثورة شعبية في التاريخ، ثورة منف في الدولة القديمة
الفرعونية في الأسرة الخامسة في عهد الملك أوناس.”
ولمن يقول مصر كغيرها من البلاد، ترد: “لقد كان صلاح الدين في
سوريا وابن عمه ملكاً عليها واجتاحها الصليبيون واستولوا على بيت المقدس، فلماذا
لم ينتصر صلاح الدين في سوريا؟ إذن انتصاره في مصر وراءه عوامل مصرية.”
وبقدر حبها لمصر وذوبانها فيها بقدر معرفتها بعيوبها ومشاكلها، فلا
تتورع عن ابرازها بوضوح ثم الدخول في معارك شهيرة ومعروفة على مدى عمرها دون كلل،
ومنها معركة النفايات الذرية ومشروع هضبة الأهرام… الخ.
إذاً هي ليست في برج عاجي… لأن من يقرأ كلامها يشعر بأنها شاعرة
حالمة ومدلهة بحب هذه الأرض.
تجدها تتحدث عن حكم الفرد أو الحكم السلطوي في مصر والعالم، وتوظيف
الدين في السياسة، والأقباط والمسلمون، الإعلام والإعلام المضاد، حكم الفرد
والأمراض الاجتماعية واستعمال القوى البشرية، وفي النهاية: القضية واقتراح خطوط
عريضة لحل المشكلات التي تراها.
تقول تلك الجميلة التي لا تقبل إلا بمصر كاملة بتاريخها الممتد من
يوم خلقها إلى يومنا هذا فتقول:
“نحن لا نفرط في يوم واحد من عمر مصر ولا في عطاء واحد من معطياتها
وعطاءاتها وحضارتها، فمصر عندها هي مصر الفرعونية ومصر المسيحية ومصر الإسلامية
ومصر الحديثة في يقين عقلي ووجداني جامع وشامل.”
للرانين بأنظارهم والمتعلقة أعناقهم بالغرب والشائحين بوجوههم
بعيدا عن أرضهم تقول:
“فمن لا ماضي له يتيم حضاريا، فقير معنويا وإن كان أغنى الأغنياء.”
لمحبي مصر ولفاقدي الأمل فيهاكان هذا الكتاب…
صادر عن دار نهضة مصر- 135 ص