الموت والحياة
أستهل مقالى بأن الموت حياة ،والحياة موت
،وأتمثل ثمة قول أفلاطون في جمهوريته أن الإنسان مغلول الأيدى ،مُكبل بالسلاسل، وضُع
في كهف ومن خلفه نار مُشتعلة؛ لتظهر أمامه على
الجدران ظلال متحركة ،ومن ثم
أتابع حديثى بأن الحياة موت :لأن الإنسان المُُكبل بالأغلال، ماهو إلا روح محكومة بسلاسل الجسد ؛فتظل حبيسة قيده؛ فلا
يرى البصر إلا خيال الأشياء السائرة امامه
؛نظرا لوجود الشمس الساطعة ،فما الكهف إلا ذلك الكون المُتسع الأرجاء ،وما الأشخاص
الماثلون به إلا روح مربوطة بأحكام الجسد،
وما يسرى عليه ،وما الظلال إلا لعالم المُثُل الذى نتشوق ونسعى إليه، وما الشمس
إلا الممثلة للنار المشتعلة بالكهف؛ فهذه هى الحياة التى نحياها، وتصديق لذلك قول الإمام
على كرم الله وجهه: الناس نيام أى فى الحياة
الدنيا .. فإذا ماتوا إنتبهوا.. إلى عالم المُثُل
المذكور آنفا
أما الموت حياة :فهو الحياة الحقيقية التى
هى في حقيقة أمرها الظلال التى كنا نراها في الكهف( عالم المُثُل) وأستخلص مما سبق
أننا حاليا أموات وليس ثمة شك في ذلك بينما الحياة الحقيقية المأمولة تبدأ بخروج الروح
من أكبالها والتى نسميها في عُرفنا الموت أو الوفاة :وهى التى إستوفى فيها الإنسان
رزقه كاملا ؛ فنسمو إلى العلياء ونتسامى إلى الفضاء وذلك توثيقا بما أخبرنا به رب العزة
تبارك وتعالى :(قَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ
الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) سورة ق الآية22 ؛ فهذا يكون عند الإحتضار والغرغرة؛ فينتقل الإنسان
من عالم الخيال إلى أصله الذى نجم عنه ومن حياة الزيف إلى حياة الحقيقة في مقعد صدق
عند مليك مقتدر ملىء بالجِنان المتدرجة لأعلى شىء لها وهى جنة الفردوس ومشاهدة وجهه
الكريم سبحانه وتعالى ،وتحتها أنهار مختلف
أنواعها تحفها أشجار الفواكه من كل لون قطوفها دانية لذة للآكلين...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق