إرضاءالناس ودوامة الفشل بقلم عبد العزيز يس

إرضاءالناس ودوامة الفشل

                                                            

بقلم عبد العزيز يس

الإنسانُ اجتماعي بطبعه، فما يلبث إلا أن تحركه مبادئه وقيمه وقناعاته وآراؤه لتتخالط وتتماسك أفكاره ومصالحه الشخصية مع من حوله من الناس، لذلك سيجد أولئك الناس ما بين مختلفين معه في ذلك كله أو بعضه، لأسباب ودوافع عديدة، منها ما يستحق النظر فيها ويتطلب منه حواراً معهم، ومنها ما تجعله الابتعاد وعدم مجادلتهم بتاتاً، ومن هنا

إن إرضاء الناس مطلبٌ تحفزه رغبة التوافق معهم، لإعادة النظر فيما يُطلب أو للحوار فيه تبيان وإيضاح: ولكن رغبة الفرد بالتوافق مع الناس لاكتساب رضاهم ينبغي أن تضبط بضوابط أهمها رضا الخالق

#أولاً، وبالرضا عن نفسه ثانياً، وألاَّ يكون رضا الناس مؤثِّراً سلبياً عليهما؛ ولذلك: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس). إننا جميعاً عندما نتعامل مع الناس سواءً في حياتنا اليومية، أو في منظماتنا الإدارية؛ فإن هدفنا لن يتحقق غداً أو بعد غدٍ، لكنه سيأتي في نهاية الأمر لتنشد تحسيناً هائلاً سيما إذا ضُبط ذلك بضوابط مهارات التواصل الإنساني والتي يتكلم عن الكثير من علماء الإدارة.

إن المتخبط في تعاملاته مع الناس دون الرجوع لركن شديد يستند إليه سيجد نفسه حتما في دوامة فشل عصيبة متبوعة بإشكالات ليس لها حد.. فلذلك فإنه مع تلك الضوابط الهامة لمهارات التواصل الإنساني التي يُددن حولها علماء الإدارة الحديث، إلا أنني أود أن أهمس كذلك في أذنيك - همسات خفيفة.. ومتى ما فطنت لها جيداً وأحسنت تفعيلها على نطاقك الشخصي، فإنك بحق تستحق أن تحمي نفسك من دوامة الفشل العصيبة التي يمر بها البعض من الناس.. بل يكفيك أن تكون قائداً ناجحاً لنفسك أولاً ثم لأهل بيتك وأخلائك:

#الهمسة الأولى: إياك أن تبتعد عن الآخرين لتتجنب الاحتكاك بهم، وتتلافى المتاعب التي قد تنجم من تعاملهم، وتذكر قول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهِمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهِمْ». وقبل أن تتكلم لتعلم أن الكلمة ملكك فإذا خرجت من فيك ملكتك، ثم قبل أن تتكلم فيتوجب عليك أن تسأل نفسك أربعة أسئلة: بماذا أتكلم، ولمن أتكلم، ومتى أتكلم، وكيف أتكلم؟.

#الهمسة الثانية: لا تقلل من قدر الآخرين أياً كانوا: خاصة الذين يقلون عنك في مستواهم الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.

#الهمسة الثالثة: تمالك نفسك إذا أغضبك الناس، وحاول تسيطر على غضبك وعدم إظهاره، ولعل ابتسامة واحدة كافية لحل الموقف.

الهمسة الأخيرة: استمع أكثر مما تتكلم، فمشكلتنا أننا لم نتعلم كيف ننصت إلى الآخرين، وننتظرهم حتى يفرغون لنتكلم بعدها، مما يجعل أصواتنا تختلط مع أصوات الآخرين فيصبح الحوار مزعجاً وغير مفهوماً؛ لذا: يجب أن نعلم أبناءنا مهارة الإنصات والاستماع للآخرين.

باختصار: إرضاء الناس من أصعب الأمور التي تمر بالشخص أثناء الاحتكاك بهم، والسُبل لإرضاء كل الناس هي بداية كل فشل يتجرعه الشخص، فلذلك علينا أن لا نقلق أنفسنا بإرضائهم، ولنضبط أنفسنا بضوابط ومهارات التعامل الإنساني المختصرة أعلاه، ولنمسك ألسنتنا ولا نستخدمه بتاتا إلا في

#شيئين: الابتسامة والصمت، فالابتسامة لإنهاء المشكلة والصمت لتجاوزها كما ذكر ذلك الشيخ الشعراوي -رحمه الله-. أنني أتعجب أشدُ التعجب من الذين يُشغلون أنفسهم بإرضاء كل الناس وهم لا يعلمون أن رضاهم غاية لا تدرك وبداية فشل لهم.

ً