د. مصطفى الستيتي - خاص ترك برس
تزخر مدينة إسطنبول اليوم بعدد كبير من المكتبات، كما تتوزّع مكتبات كثيرة أخرى في مدن مختلفة من أنحاء تركيا. وأغلب هذه المكتبات أنشئت في العهد العثماني وتمّ الحفاظ عليها بعناية حتّى اليوم. ولقد رافق نشاط العثمانيّين في الجهاد والفُتوح نشاط آخر في عالم الكتب، والدّليل ذلك أن كلّ سلطان أو صدر أعظم كان يحرص على أن يبني بجوار المسجد مدرسة ومكتبة تابعتين له وملحقتين به.أشهر المكتبات في تركيا
ولمّا كان النّاس على دين ملوكهم فإنّهم عادة ما يقلّدونهم في ما يصنعون، ولذلك اقتدى بالسّلاطين في ذلك الوُزراءُ ومشايخُ الإسلام. وبسبب ذلك، فالمخطوطات في تركيا يمكن أن ننسبها إلى ثلاث جهات أساسيّة: السّلاطين، مثل مكتبة السّلطان سليم الأول، وهي المكتبة السّليمية في أدرنة، ومكتبات السّلطان محمد الفاتح والسّلطان بايزيد والسّلطان أحمد الثّالث، ومكتبة السّليمانية نسبة إلى السّلطان سليمان القانوني، وهذه المكتبات كلّها بإسطنبول.
أما الجهة الثانية فهي: الوزراء مثل راغب باشا، وشهيد علي باشا وكوبريلي باشا. وهذه المكتبات الثّلاث باسطنبول. وكوبريلي باشا هذا هو الوزير أحمد بن محمد، وهو من كبار الرّجال في الدّولة العثمانيّة. يقول عنه المحبّي في "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، ج. 1، ص. 353 "ولم يكن في الوزراء من يحفظ أمر الدّين وقانون الشّريعة مثله، صعبا شديدًا في أمور الدين، سهلًا في أمور الدّنيا. وملك من نفائس الكتب وعجائب الذخائر ما لا يدخل تحت الحصر ولا يُضبط بالإحصاء".
وممن اتصل به من العلماء العلامة عبد القادر بن عمر البغدادي صاحب "خزانة الأدب" فأكرمه وحظي عنده بمكانة وقيمة. وقد أهدى له البغدادي مؤلفه " حاشية في شرح بانتْ سُعاد".
أما الجهة الثالثة فهي مشايخ الإسلام: مثل أسعد أفندي، وعاشر أفندي، وولي الدّين أفندي، وعاطف أفندي، وفيض الله أفندي، وعلي أميري أفندي، ووهبي أفندي، والشّيخ مراد أفندي، وجميع هذه المكتبات بإسطنبول.
ومع هذه الجهات الثلاث ظهرت طائفة النّساء اللائي عنين بجمع المخطوطات، فأنشأن لها مكتبات نُسبت إليهن مثل مكتبة طرخان ، وصالحة خاتون، وأسماء خان، وجلنوش، وبرتونيال، وكثير من المكتبات التي تسمى "والدة باشا" ثم تُضاف إلى ابنها السلطان.
اهتمام العُثمانيين بحفظ العلم
ولعل هذا التّنافس في جمع المخططات وإنشاء المكتبات بهذا العدد الكبير في إسطنبول كان مبعثه رغبة سلاطين آل عثمان والوزراء ومشايخ الإسلام والوجهاء أن يكون لإسطنبول تلك المكانة التي كانت لدمشق عاصمة الأمويين وبغداد عاصمة العباسيين ومصر عاصمة الفاطميين والأيوبيين والمماليك.
واللافت للنظر أن المخطوطات العربية لا توجد في اسطنبول وحدها-العاصمة القديمة لتركيا- كما هو الشأن في المخطوطات التي تقتنيها الدّول فتكون في عواصمها فقط، بل يمكنك أن تعثر على هذه المخطوطات العربية في جميع أنحاء تركيا شرقًا وغربًا شمالاً وجنوبًا. ويقول الأستاذ أحمد أَتش "ولمّا اضطرت الدّولة العثمانية بعد القرن السّابع عشر الميلادي إلى الدفاع عن قسم كبير من العالم الإسلامي ضدّ عدوان أوروبّا، طرأ على هذه المؤسسات العلميّة نوع من الإهمال، ومع ذلك فإنّه قد بُذل بعد منتصف القرن الماضي (القرن التاسع عشر) على عهد السلطان عبد الحميد (1876-19099م) م
مجهوhttp://albayaledfuey.blogspot.com.eg/2016/12/2_27.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق