الإحتضار والقضايا الإيمانية
بقلم محمد فتحى فوزى |
الإحتضار هو اقتراب الإنسان من الموت النهائى وخروج الروح إلى بارئها بقول
الله تبارك وتعالى" وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد" ق19
فى هذه الدقائق يقول عز وجل": فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ
تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن
كنتم صادقين." الواقعة 78.
يكشف الله للمحتضر عالم الملكوت أو
العوالم الخفية التى لم يرها الإنسان من قبل مثل مقعده فى الجنة أو النار وبقية ماخُفى
من العالمين بقوله تعالى:" لقد كنت فى غفلة من هذا فكشفنا عنك غِطاءك فبصرك
اليوم حديد." ق22
ومن ثم يشرع فى نـُطق الشهادتين" أشهد أن لا إلاه إلا الله وأشهد أن
محمد رسول الله" أثناء السكرات، فإن كان ينطقها أول مرة فلن تُقبل منه(
الكافر)؛ لكونها قضية إيمانية يجب النطق بها قبل رؤية كشف الغِطاء ، بوجوب الإيمان
بالغيب والتصديق بالشهادتين بعلم اليقين ، وليس بعين اليقين ؛ لأن التصديق بما
أخبر به نبينا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هو علم اليقين وهو أقوى
وأفضل من عين اليقين(بمعنى الرؤية بالعين المجردة) ـ فى الغيبيات.
فإذا رأى فى السكرات وهو غير مُصَدِق بالمغيبات فى دنياه ، ينطق بالندم بلسان
القرآن الكريم:" حتى إذا جاء أحدهم الموت قال : ربِ أرجعون لعلى أعمل صالحا
فيما تركت: كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون".المؤمنون99-100
فإن كل محتضر عندما يُبصر الآخرة ويقف على مشارف النور وتتضح له الحقائق نيِّرة
ظاهرة وتنكشف له النتائج والمصائر ويرى دلائل التنعيم وإمارات التنكيل ويرى الحق، فيستغيث
وينادى قائلا :" ربِ ارجعون لعلى أعمل صالحا فيما تركت."
المُطيع والعاصى ، المؤمن والكافر ، البر والفاجر، الصالح والطالح، كلٌ
يدعو ويأمل، كلٌ يرجو ويتمنى أن يرجع ويعود ليعمل بقول سيدنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم:" ما من أحد يموت إلا ندم ، قالوا وما ندامته يارسول الله؟ قال :
إن كان مُحسناً ندم ألَّا يكون ازداد فى إحسانه، وإن كان مُسيئا ندم أن يكون قد
أقلع عن إساءته."
والدليل على عدم قبول الشهادة من المحتضر عند المكاشفة حدث مع فرعون عندما
طارد سيدنا موسى عليه السلام وقومه ودخل
وراءهم البحر لمَّا شقه الله لهم وكما يحكى لنا القرآن الكريم :" وجاوزنا
ببنى إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا " فقد رأى المعجزة واضحة
بعودة المياه إلى وضعها الطبيعى :" حتى إذا أدركه الغرق" قال آمنت أنه
لا إلاه إلا الذى آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين."
فلم يقبلها الله منه مخاطبا إياه:" الآن وقد عصيت قبل وكنت من
المفسدين." مسترسلا قوله سبحانه وتعالى :" فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن
خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون." يونس90-92.
فأفضل ماقلته أنا والنبيون من قبلى كما قال الحبيب المصطفى:" لا إلاه
إلا الله محمد رسول الله" ننطقها كل يوم وكل صباح وكل مساء حتى نكون من
المسرورين والمقبولين فى سكرات الموت ونتمتع بالمكاشفة مستبشرين بها وينطبق علينا
قوله تبارك وتعالى:" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم
مؤمنين".آل عمران139.
فما الموت إلا خلع الرداء الجسدى الفانى المتأقلم مع الأرض ، وبروز الروح الملائكية ذات الحياة
الخالدة الأبدية والإنطلاقة السرمدية.
" ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم
من العلم إلا قليلا " الإسراء85
فردد دائما لا إله إلا الله محمد رسول الله فى حالة الفرح وفى حالة الغضب وفى حالة النسيان حتى تتعود عليها وتنطلق منك عندما يستجيبانك الملكين فى القبر بقولهما أتره- أترح - كارهٍ - صالحين : . بمعنى: قـُم- ما دينك- وماشهادتك - ومن الرجل الذى جاء فيكم ، فلن تتردد عند نطق الشهادتين مادمت متعودا على ترديدها فى الحياة الدنيا - نسأل الله السلامة والعفووالعافية!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق