إعداد: د. محمد فتحى فوزى |
"ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين
فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن أعبدوا الله مالكم من إله غيره " المؤمنون
ضاقت الأرض بأبناء شيث وأحفاده
وبعضا من إخوته فى عـــدن ؛ فأتخذوا طريق الهجرة عبر مضيق باب
المندب الذى كان فى
ذلك الوقت ُقرب آخر العصر الجليدى الرابع ــ جافاً أو شبه جافا يسهُل إجتيازه ،وظلوا يسيرون
شمالا حتى وصلوا أرض مصر ؛ فواصلوا إرتحالهم تدريجيا بمحاذاة الساحل الغربى للبحر
الأحمر فى السهل الساحلى حتى وصلوا الهضبة الشرقية لوادى النيل وسكنوها.
ولم يكن مُناخ تلك الأماكن صحراويا أو جبليا قاحلا كما قد
يتبادر إلى الذهن حيث نراها الآن ، بل كانت الأمطار تسقط عليها لأنها كانت
غزيرة والمراعى أغزر، وسكن بنو شيث وبنو
أنوش وقينان ومهللئيل الهضبة الشرقية لوادى نهر النيل ، ولكن لما بدأت حرارة الأرض
فى الإرتفاع بدأ الُعشب يقل فى الهضبة وأخذ الناس يهاجرون طلبا للماء ؛ فتعقبوا
مجارى ا لسيول ورأوها تتجه غربا ؛
فاتبعوها إلى أن وصلوا نهر النيل العظيم؛ فإستقروا حوله وعمروه، وقُدِر لمصر أن تكون مهد
أول حضارة فى العالم.
وكان أبناء شيث يعبدون الله كما
علمهم جدهم آدم عليه السلام وبما أُنزل على شيث من صحف إلاهية ، ولكن بمرور الزمن
ضلوا ولزم إرسال نبى لهدايتهم ؛ فكان سيدنا إدريس عليه السلام . الذى شرُفت أرض
" إدفــــو " بوجوده عليها.
الهجرة عبر البحر الأحمر من باب المندب |
خريطة توضح مصر العُليا المحتوية على المقاطعة الأولى وعاصمتها الأقصر والمقاطعة الثانية وعاصمتها إدفو |
وقيل أيضا أن هرمس هذا كان رجلا
تام القامة حسن الوجه، كث اللحية مليح الشمائل ، عريض المنكبين ، ضخم العظام ،
قليل اللحم ، متأنيا فى كلامه، كثير الصمت
إذا مشى أكثر نظره إلى الأرض ، كثير الفكرة ، وإذا إغتاظ إحتد ، وكان مدة مقامه فى
الأرض إثنتين وثمانين سنة وكانت له مواعظ وآداب منها:ــــ
·
لا تحلفوا كاذبين ولا تهجموا على الله
سبحانه وتعالىباليمين ولاتُحَلِّفوا الكذابين فتُشارِكوهم فى الإثم.
·
لا تحسدوا الناس على مواتة الحظ فإن
إستمتاعهم به قليل.
·
أطيعوا ملوككم، واخضعوا لأكابركم، وإملأوا
أفواهكم بحمد الله.
فقد لُقِب بهرمس الهرامسة كما
جاء فى كتاب تاريخ الحكماء صفحة (348) ويبدولكونه نبى مُرسل؛ إكتفى متشرفاًبذكر
إسمهِ صراحةً فى القُرآن الكريم زاهداً فى ذكره على المعابد والأحجار والمقابر ؛
ولهذا لم يُذكر ذلك اللقب على المعابد ، وقد أخبر بالطوفان فى العراق مُنبِئأً عن
كشف بصيرته ودليلاً لإثبات نبوته حتى ولو لم يأت الطوفان لمصرومعنى بناء الأهرام
والبرابىفى صعيد مصر الأعلى يعنى أحفاده
وليس شرطًا أن يكون هو، وقد أماطت اللغة الهيروغليفية السر بأن المجد للملوك..نعم! الد نيويون كمجد شخصى
وليس الأنبياء والُرُسل لأنهم زهاد، وقد إحتوت على تسجيل العلوم فعلا أما طريقة
التحنيط فهى سر من أسرار رجال الدين لا يُميطون عنه اللثام وهذه عادة من عادات
الكهنة حفاظا على قدسيتهم ومكانتهم
العليةألهمه الله من أمور الدنيا ُأُسس قيام الحضارة الإنسانية من كتابة وقراءة
وثياب ومكاييل وموازين للمعاملات وعلم الطب والهندسة والفلك والسياسة.
وفى تفسير الألوسى ( روح المعانى ج16 صــــ106)حديث عن إبن
المنذر عن عمر مولى عفرة ُيرفع الحديث إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال :" إ نه كان تقيا زكيا
وكان ُيقسم دهره على نصفين ثلاثة أيام ُيعلم الناس الخير وأربعة يسيح فى الأرض ويعبد الله مجتهدا
وكان يصدر من عمله وحده إلى السماء من الخير مثل ما يصعد من جميع أعمال بنى
آدم وأن ملك الموت أحبه فى الله وصحبه،
وإدريس لا يدرى أنه ملك الموت وعندما رأى إدريس أنه لا يأكل شك فيه ؛ فاعترف بأنه
ملك الموت وسأله إدريس قائلا:"أحب أن ُتذيقنى الموت ثم ترد علَّىَّ ُروحى.؛
فقال ما أقدر إلا أن أستأذن ؛ فاستأذن ربه؛ فأذن له؛ فقبض روحه ثم ردهاالله تعالى
إليه ؛ فقال له ملك الموت: يا نبى الله كيف وجدت الموت ؛ قال أعظم مما كنت أُحَِد
ث وأسمع ، ثم سأله رؤية الجنة وأن يدخلها ؛ ليأُكل من ثمارها ويشرب من شرابها
ليكون بعد ذلك أشد طلبا فى عبادته ؛ ففعل
، ولما طلب منه ملك الموت الخروج من الجنة رفض (إدريس) وقال إن شئت خاصمتك ،
وإستطرد قائلا:"كل نفس ذائقة الموت" وقد ُذ قته ، وقال أيضا:"وما
ُهم منها بمخرجين" ؛ لذلك فهو حى فى الجنة.
فقد كان لسلاسة الطبيعة فى وادى
النيل من حيث مُناخه وإنبساط أرضه وإنتظام النيل فى فيضانه وجلبه الخير والنماء
بوفرة للإنسان والحيوان أثر فى إستقرار الحياة وسلاسة أخلاق سكانه فلم ُيؤثر عن
المصريين معارضتهم للنبى إدريس عليه
السلام حين أمرهم بنبذ أصنامهم ، ولا كذبوه فى أنه ُمبلغ من ربه ، بل إن المصريين
آمنوا به وإتبعوه وتعمقت العقيدة الدينية
فيهم وتأصلت تأصلا كبيرا حتى ولو ضلوا
طريق الإله الحق لاحقا ، إلا أن الدين ظل هو المحرك الأكبر لحركة الحياة لدى
المصريين القدماء ، علما بأن ليس كل المصريين فردا فردا آمنوا بإدريس عليه السلام،
لأن المجتمعات الأولى كانت عبارة عن قرى صغيرة وكل مدينة منفصلة عن المدن الأُخرى
بمستنقعات كثيرة وكل مدينة لها حاكم خاص
وكان هذا الوضع يسمى إمارات المدن بمعنى كل مدينة هى إمارة مستقلة وإذاوقع حدث ما فى مدينة فلا يستدعى ذ لك أن تلم به كل المدن الأُخرى إلا المجاورة .
أما البعيدة فلا تلم به فظلت على
عبادة أصنامها ، ولكن بمرور الزمن لابد أن تصل تعاليمه إليها وتطعمت بها العقيدة
الوثنية التى كانت سائدة فى هذه المدن وحتى المدن التى كانت بلغتها دعوة النبى
إدريس وآمنت به وإتبعته بعد رفعه لم تبق متمسكة بالديانة الإلهية التوحيدية . إذ لم تستطع عقولها هضم فكرة إله واحد لا
تراه الأعين وكان الفكر البشرى فى هذا الطور البدائى من الحضارة لا يؤمن إلا بما
هو محسوس وواقع تحت بصره ملموس ؛ لهذا إرتدت بعض الجماعات وإتخذت إلها فيما يقع
عليه بصرها وتلمست كل قبيلة لها ربا وكان طور تعد د الآلهة إلا قبيلة واحدة هم نسل
سيدنا إدريس عليه السلام؛ فقد ظلوا على إيمانهم بالله الواحد الأحد ولم يطيقوا الضلال ؛ فارتحلوا شمالا إلى الدلتا
، ثم سيناء، ثم إلى فلسطين ، ثم شرقا عبر الشام إلى شمال العراق.
الإجتماع فى المعابد
وكانت الهجرة من مصر عبر سيناء إلى شمال العراق وإنما المرء حديث بعده فكن حديثا حسنا لمن وعى مجرد وجهة نظر |
*********************************************************
أهم المراجع:
* قصص الأنبياء والتاريخ الجزء الأول الطبعة الثانية أبريل 2004- القاهرة
د. رشدى البدراوى الأستاذ بجامعة القاهرة( بتصرف طفيف)
أهم المراجع:
* قصص الأنبياء والتاريخ الجزء الأول الطبعة الثانية أبريل 2004- القاهرة
د. رشدى البدراوى الأستاذ بجامعة القاهرة( بتصرف طفيف)
موضوع شيق وجميل جداً وفيه معلومات روعه -- بارك الله بكم على هذا الموضوع والعمل الراقي وجزاكم الله خير الجزاء يارب
ردحذفشكرا إبننا مشعان وتحياتى لكم&
ردحذف