مرحبا- welcome
من مال الله لسندنهور
"سلسلتى -عصور مصرية"
يفنى الإنسان و تبقى الأماكن لتشهد على سيرة الزمان ...
مصر تاريخها طويل ممتد ، شهدت على العصور
المتعاقبة ، واكتسبت مدنها أسمائها من الأحداث التى دارت فوق أرضها أو من المفردات
التي تجمل واقعها ...فظهرت حت نوب (حاتنوب) ، موقع الذهب ، ساوت (أسيوط) المحمية ،
بر باستت (تل بسطا) مقر القطة باستت ، بادمى إن حور (دمنهور) مقر حورس.... و
احتفظت اليوم بعض مدن مصر بنفس أسماءها
القديمة التى أطلقت عليها منذ أكثر من
سبعة آلاف عام لنتلمس بين دروبها عظمة تاريخنا ...
عندما دخل اليونان
مصر في العصر البطلمى بدلوا أسماء المدن و القرى المصرية القديمة بأسماء مترجمة
إلى الإغريقية ، و أضافوا حرف السين لأسماء المدن كعادتهم فتحرفت الأسماء الأصلية
التي انتقاها أجدادنا بعناية فائقة ...
سوف أستعرض عدد
من هذه النماذج حتى نستشعر حركة الزمان و
انعكاسها على المكان و لندرك بعض من معانى الأسماء التي تتردد على ألسنتنا...
بدل اليونان إسم مدينة ( خنتى مين) التي ربما يعنى معناها مقر مين رمز الخصوبة
إلى بانوبوليس ، لتعود المدينة مرة أخرى
في العصر القبطى لإسمها الأصلى (خمين) ...لتصير أخميم كما نعرفها اليوم ...
كما بدلوا إسم مدينة
(جبا ) ، مكان الطعان التي اكتسبت إسمها
من الأسطورة المصرية القديمة التي سجلت الصراع بين البطل المقدام حورس و عمه ست في
هذا المكان ، لتصير أبوللونوبوليس لأنهم
ربطوا بين حورس و أبوللو ، لكن المدينة تبدل إسمها في العصر القبطى مرة أخرى إلى
إتبو ...لتصير فيما بعد إدفو العريقة...
بدل اليونان إسم
مدينة تاسنيت و معناها أرض الأخت ، و
الأخت هي الربة منفيت رفيقة خنوم رمز
المدينة ، لتصير لاتوبوليس أي مدينة اللاتس (نوع من السمك النيلى) ، و يدور الزمن في حركته لتصير إسنا التي
نعرفها ...
عند دخول العرب لمصر
قاموا بتعريب الأسماء فظهرت أسماء مثل بنها العسل بدلا من (با إن نهت) التي تعنى
المنتمية لشجرة الجميز التي كانت تظللها ...
كما أطلقوا إسم عين شمس على مدينة ( من نفر) ، منف موطن الجمال الأبدى .....
و أطلقت أسماء عربية
على سائر مدن مصر بطولها و عرضها فظهرت أسماء مثل طوخ الملق ، صفط الحنة ، أهناسيا
، تل إتريب ، (و قد أضيفت كلمة تل قبل الكثير من أسماء المواقع الأثرية) ...
لكن عندما حكم بنى
أيوب مصر أعاد الناصر صلاح الدين الأيوبى
تنظيم الإدارة و أعاد هيكلتها ، وقام بإصلاحات متعددة في البلاد و رد للقرى و
المدن أسماءهم الأصلية ، كمثال قرية منية مال الله ردها لإسمها المصري القديم
الشائع على ألسنة الناس سندنهور ...
مر الزمان و توالت
العصور فتهاوى الملوك من فوق عروشهم و بقيت مصر ....
بقيت مصر بحضارتها العريقة وهويتها الراسخة عبر
الزمان تفرض مضامينها الروحية على كل من تسول له نفسه التعدى على أرضها لتمسخ
هويته فهى مقبرة الغزاة ...
بقيت مصر فى كل حقبة
تستدعى تاريخها كله ، شجاعة أحمس ،إقدام حتشبسوت ، عظمة رمسيس ... تستدعى سطوة
العلم ، هيمنة الضمير ، سيادة الأخلاق...
بقيت مصدر إلهاما
لأبناءها ليقلدونها الريادة فهذا هو دورها الطبيعى فى الحياة فقد ولدت فى مهد
الحضارة الإنسانية...