مرحبا- welcome
من وحـى النيل
بقلم: د. محمــد فتحى فوزى
زمان عندما كانت بلدتنا قرية كبيرة يحتضنها النيل
،وبجواره بيتنا الكبير بفنائه الواسع ،وعندما تشدك عيناك إلى الركن القصى ، تجد
" الطابونة" :التى يصنعـن بها
نسوة البيت " الملتوت": وهو المعجون من الدقيق والماء ،ثم يجزئونه
ويقرصونه ويضعـونه على " الدوار" بعـد أن يضعـوا عليها قليل من النخالة
حتى لا يلتصق العجين "بالـدورة" والأخيرة دائرية الشكل تُصنع من الطين
خصِّيصا ؛لوضع مُقطّعات العجين عليها ، ووضعها فـــى ضــوء الشمس ليختمِر ، وتجـــلس
إحـــداهــن بجــوار" الطابونة" الموجودة بوسطها صينية طينية بها فتحة ؛لصعود اللهب إليها والنار مستعـرة بأسفلها؛ فتقوم تلك المرأة بإضرامها بأخشاب الشجر والتِبــن وما شابهه ،وتُقلـِّب هذه النيران بسيـخ حــــــديـدى بنهـايتـه إلـتـواء يُسمـونه" المِحساس" ثم بعـد هـدوء النيران ،تعمل على جس الصينية المذكورة آنفا بعـصا طويلة بنهايتها فتائل من القماش المرطب بالماء يُطلقون عليها " الفـوَّادة"؛ لتنظيف تلك الصينية تمهيدا ؛لوضع أقراص الخبز المُختَمِرة عليها ؛لإنضاجها بالنار بوضعها على خشبة مدوَّرة بحجم " رغيف الخبز" وهى مُــمْتــــدة بعــصـــا طويلة يسمونهــــا" المطـــرحة" ؛لـــطــرح الأرغـف داخــل " الفُرن" وهكذا إلى أن تمتلىء الصينية بعدد معـين من الأرغـفة حتى النضج على نار هادئة ، ويخرجونها بعد ذلك ،ويدخلون طريحة أُخرى، وبالفُرن فتحة جانبية ؛لإخراج الدُخان، وأخرى علوية يوضع عليها إما معجون البلح؛ ليصير مربى وطعام للآكلين، وفى فوهة أسـفـــل الـفرن تــــــــضــع" المِلَــز" وهو إناء فخارى يوضع به نوع واحد من البقوليات للغـذاء منه بعـد نضجه، فكان تعاون مابين النسوة ربات البيت منهن من تعجن وأخرى تُقَرِّص وتتفل وتضع على " الدوار" وثالثة تُشعـل الفرن بالوقيد ثم تدخل " العيش" وتخرجه بعد نضجه هلم جرا، ومن يجوع من الأبناء والبنات يعطونه " تصبيرة" عبارة عن نصف رغيف به كثير من "السمن البلدى" مختلط بالسكر لحين الفراغ من نضج العدس أو الفول أو أحد البقوليات لتناوله بعد نهاية الصنيع...