منذ العصور السحيقة وماقبل الميلاد دافع الجيش المصرى عــــن أراضيه ضد الهكسوس الغُزاة القادمين من فلسطين وغـــــــرب آسيا، وأنتصر عليهم بقيادة البطل سقنن- رع. والواضح أنه قاد مناوشــــات ضدهم، ويرجع فضل أول إنتصار مهــم فــي الحرب التــي يقـــــــودها الطيبيين أمام الهكسوس إلى إبنه وخليفته "كاموس" أخـــر حـــــــكام الأُســـرة السابعة عشر في طيبة.أبحر كاموس شمالا من طيبة على راس جيشه في السنة الثالثة من حكمه. ففاجأ وتغلب على حامية الهكسوس في أقصى الجنوب عند "نفرسي" شمال "القوصية" بالقرب من مدينة أسيوط الحالية، و من ثم قاد كاموس جيشه شمالاً حتى وصل إلى منطقة مجاورة إلى "أفاريس" نفسها ــ فى محافظة الشرقية حالياــ و على الرغم من أن المدينة لم تسقط في يد البيت "الطيبي" إلا أنهم قاموا بتخريب الحقول المحيطة بها، ويُذكر إعتراض وأسر جاسوس يحمل رسالة من "أبيبي" المقيم في "افاريس" إلى حليفه حاكم مملكة كوش ـ السودان الحالية ــ يطالبه فيها بالدعم العاجل في مواجهة التهديدات التي تشكلها فعاليات "كاموس" ضد كلتا المملكتين. فأمر كاموس على الفور كتيبة من قواته بإحتلال الواحات البحرية في الصحراء الليبية؛ ليتحكم في الطرق الصحراوية ويغلقها من الجنوب.
أبحر كاموس عائداً أعلى النهر إلى طيبة للإحتفال بالنصر المظفر، بعدما ربما كانت ليست أكثر من غارة عسكرية مفاجئة على حاميات الهكسوس.
لقد تم طرد الهكسوس من وسط مصر وإنسحبوا شمالاً ،وأعادوا تمركزهم بالقرب من مدخل الفيوم عند أطفيح وذلك في نهاية ولاية "أبيبي" الملك الهكسوسي قبل الأخير من الأسرة الخامسة عشر.
فهذا الفرعون قد صمد في وجه نظيره المصري الأول "سقنن-رع تاو" و ما برح يتربع على العرش ــ و إن كان على مملكة صغيرة ــ في نهاية ولاية "كاموس". وليس ثمة شك أن فترة ولاية "خامودي" – أخر حكام الأسرة الخامسة عشر الهكسوسية – كانت قصيرة نسبياً، وتقع في النصف الأول من ولاية أحمس الأول خليفة كاموس ومؤسس الأسرة الثامنة عشر.
ثمةُ يعتبر أحمس الأول هو أول ملوك الأسرة المصرية الثامنة عشر الذي أعتلى عرش طيبة لبعض من الوقت قبل أن يستأنف حربه ضد الهكسوس.
فقد تم أخذ تفاصيل حملته العسكرية من الرواية الموجودة على جدران مقبرة أحمس إبن أبانا. و هو عسكري من مدينة الكاب التي تقع جنوب مصر العليا بإقليم إدفـــو، ويُذكر ولادته بتلك المدينة وهى العاصمة السياسية لمصر العُليا قديما ويطلق عليها " نخب" على الضفة الشرقية من النيل وقد أسماها البطالمة " إيليتاسبوليس"، وإبانا: هو اسم والدته.
فـ أحمس بن أبانا شاهد والده يحارب الهكسوس فقرر ان يلتحق بالجيش المصري بقيادة "سقنن رع الثاني" لمحاربة هؤلاء الرُعاة، وبعد مقتل سقنن رع تاعا الثاني وابنه كامس استمر أحمس بن إبانا في الجيش والقتال تحت قيادة "أحمس الأول"، وكان له دور بارز في معركة "أواريس"، وكان الملك احمس معجبا ببراعته في القتال ومساعدته للجنود غير القادرين على التدرب بسهولة، فضلا عن أنه شارك في حصار "شاروهين" تلك البلدة في صحراء النقب أو قرب غزة الحالية التي تقهقر إليها الهكسوس. وتحت إمرة أمنحتب الأول حارب أحمس بن إبانا النوبيين ومنح الكثير من الذهب و العبيد لشجاعته في مقاتلتهم.
وخلال حكم تحتمس الأول شارك أحمس بن إبانا في حملة بحرية ضد قبائل النوبة في النيل، ثم لحق بعدها بتحتمس في حملة قام بها إلى نهرينا وصولا إلى نهر الفرات، ومنحه "" لقب أمير البحر. ولقد ترك أحمس بن إبانا آثارا منها لوحة ذكر بها عدد من أعماله وأيضا مكانة والدته.
ناهيك من أن والده قد خدم تحت قيادة سقنن-رع تاو، وعائلته ظلوا حكاماً لمقاطعات مصرية لفترة طويلة. والظاهر أن الأمر تطلب العديد من الحملات العسكرية ضد حصون "أفاريس" قبل أن يتم إزاحة الهكسوس وطردهم من مصر السفلى بالوجه البحرى في نهاية المطاف.
و يذكر أحمس إبن أبانا الذي ترك لنا هذه النقوش أنه تتبع سيراً على الأقدام مليكه أحمس الأول ممتطياً عجلته الحربية إلى الحرب ؛ فكان أول ذكر لإستخدام المصريين الخيول والعجلات الحربية؛ و أنه قام بإحتجاز أسيرين وحمل العديد من الأيادي المقطوعة ــ كدليل على قتل الأعداءــ ، مما نجم عنه حصوله على نوط "الشجاعة الذهبي" في ثلاثة مناسبات منفصلة عندما وصل ذلك الخبر إلى القصر الملكي، و لم يتم ذكر السقوط الفعلي "لأفاريس" العاصمة إلا بشكل موجز،و من ثم تم إغتنام أفاريس. فحملت من الغنائم من هناك: رجل، وثلاثة نساء، بمجموع أربعة أسرى. فأهداهم الملك أحمس الأول لمستشاره العسكرى أحمس بن أبانا "الإدفــوى" كعبيد.
وبعد سقوط أفاريس طارد الجيش المصري الهكسوس عبر شمال شبه جزيرة سيناء وصولاً إلى جنوب بلاد الشام. و في ذلك الموقع – صحراء النقب بين رفح و غزة – تم تقليص دور بلدة "شاروهين" المحصنة بعد ثلاثة سنوات من الحصار وفقاً لرواية العسكري أحمس ابن أبانا.
وتم إخراج ألهكسوس من مصر وكان إنتصارا مبهرا من أحمس الأول وجيشه المصرى وأمرائه العسكريين وعلى رأسهم أحمس بن أبانا...
وللمقال بقية فى الأيام التالية بإذن الله.