الغرض مرض يا همام(1)!!
بقلم: د. محمد فتحى فوزى الباى
كنت فى يوم ما جالسا فى مكتبى صباحا أنصت
لشقشقة العصافير وحام حول فكرى الشـــيخ" سلام" فردد لسانى الرحمة له بصوت خافت فما أسمع إلا هاتفا واضحا للشيخ يقول:" حبيبى بينادى علىَّ" ولم أرَ شخصا بمكتبى وخرجت ربما يكون هناك شخصا خارج المكتب معه تسجيل لذلك الصوت فلم أجد.. سبحان الله!!!!
فتذكرت بعد ذلك الشيخ وهو يأخذ بيد شقيقه إلى
العالم الآخر فطلب منه أن يتركه متحججا بغرضه فى الدنيا فأجابه
شقيقه الغرض مرض يا همام
وبالعـودة إلى الماضى نرى أن البيئة التى عاش فيها شيخ
العرب بيئة مماليكية عثمانية وقد ترك العثمانيون الحكم فى الوجه القبلى للعصبيات
المحلية مع نظام الإلتزام فتمخض عنـــه أفرادا شكلوا قوة قبلية وذاتية أنجبت شيخ
العرب همام.
فقد كان ملتزما يجمع ضرائب الأرض ويرسلها للباب العالى
وأحيانا يدفعها من نفقته الخاصه ثم يصبر على تأخر الفلاحين فى دفع ماعليهم مما
زادهم حبا فيه وإلتفافهم حوله من المنـيا شمالا حتى أسوان جنوبا.
والدولة العثمانية فى حالة ضعفها تركت الحكم للمماليك فى
القاهرة وشيخ البلد فيهـــــــا منهم والعصبيات المحلية من شيوخ القبائل فى الوجه
القبلى وكان يمثلهم شيخ العرب همام المولود فى فرشوط 1709م/1121هـ - ومتوفى1769م/1183هـ وقد
تحولت الأنظار إلــــــى جرجا من ولاية
قوص التى كانت مزدهرة فى العصر الأيوبى والمماليكى ثم فى النهاية إلى أسيوط.
والمماليك بطبعهم خونة
وذوى مؤامرات للوصول إلى سدانة الحكم حيث كان إبراهيم كتخدا جاويش (اليكنجرى)
شيخا للقاهرة ويساعده تلميذه على بك الكبير( على جن) ومملوكه محمد بك أبو الدهب
فكانت تنشب بينهم وبين المماليك الآخرين معارك ومن يُمنَّى بالهزيمة يفر مع
مماليكه إلى الصعيد ويتحصن بمشايخ القبائل هناك وعندما تتحسن الظروف وإذا سنحت لهم الفرصة يعودون مرة أخرى للقاهرة
لمواصلة الصراع على السلطة والوصول إلـــى الحكم ثم تدور الايام دورتها والمهزوم
يرجع للصعيد مرة أخرى.
وكان من أصدقاء الشيخ همام عثمان بك القفارى، وصالح بك
القاسمى حاكم ولاية جرجا ومن أعدائه الأمير كتخدا جاويش الذى اجبره على التنازل من
بعض أراضيه .
دور الإعلام فى تغذية الوجدان وإلهاب حماس الجماهير - شاهد
البقية فى المقال القادم
البقية فى المقال القادم