الإسراء بين الصدق والتصديق(3
د. محمد فتحى فوزى
يقول الإمام الشيخ الشعراوى رضى الله عنه وأرضاه وطيب ثراه":العـقـل حر فى أن يُقبل على الإيمان بالله أو لا يقبل" لا إكراه فى الدين".. لماذا ؟ لأن المسألة أن الله لا يريد أن يكره إنسانا على دينه لأنه لو أراد الله الإكراه على الدين لمــــــا قال:" أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين". " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعـين" فالله لا يريد أعناقا وقوالب.. الله يريد أرواحا ويريد قلوبا، وإذا: لا إكراه فى الدين أى تدخل على الإيمان بالله بحريتك فقد تدخل وقد لا تدخل ولكن إذا دخلت بعـقلك على الإيمان به فالتــزم بمعنى أن كل أمر يصدر إليك من الله فلا تناقشه بعقلك بعد ذلك، لماذا؟ .. لأن القمة وهى الإيمان بالله نوقشت بالعقل وأن هناك إلاها صفاته كيت وكيت فأنت حـــــر فى أن تدخل على هذه القمة كما تحب أو لا تدخل ولكن إذا مادخلــــــت واقتنعت عقليا بأن هناك إلاها وله صفات كذا وكذا فالتزم .... ولذا حينما يكلف الله عباده يقول:" يأيها الذين آمنــــــوا كتب عليكم".أى يا من آمنتم بى أنا أطلــــب منكم كذا وكذا..... لا يطلب تكليف من لا يؤمن به لأن هذا الأخير لن يسمع كلامه ولن يستجيب.... إذا فسبب كل حكـــــم تكليفى هو الإيمان بالمكلِّف ؛فمادام عقلى اقتنع بأن هناك إلاها فأقول له ياعقل كل عملك فى التكليف أن توثق التكليف إلى الله هل قال الله هذا أم لم يقله؟ وبعد ما يثبت أن الله قاله لا تطرح الموضوع على عقلك مرة أخرى وإلا ستكون راجعت إيمان القمة.... فهناك فرق بين أن تؤمن بالآمر ولا تؤمن بالأمــــــر فالكل يختلف فى الأمر منهم من يطبق ومنهم من لا يطبق......
فمثلا عندما يأمرنى شخصا بالذهاب لــ أسوان لمقـــــــابلة أحدهم ؛ فاعتذر له متعللا بإنهاك فى صحتى ؛ فيخبرنى إن لم أذهب فستفوت فرصتى فى مصلحة بعينها وسيسافر الشخص غدا وتضيع المصلحة التى طلبتها، فأتراجع وأقرر الذهاب لـ أسوان.. فهل ذهابى لـ أسوان كان اقتناعا بأمــر الآمر أم بالأمر فى ذاته؟ بالأمر فى ذاته لأن أمر الآمر لا مكان له. وإذا أمرت شخصا آخر بالسفر وأجــــابك علــــى العين والرأس وطلباتك أوامر وسافر وقضى الطلب بـــــدون أن يناقشك فى الأمر، فالأول آمن بالأمر واقتنع به عقليا والثانى آمن بالآمر وإن لم يقتنع بالأمر العقلى...هكذا يكون الإيمــان الحقيقى الذى هو من أعمال الآخرة المُثاب عليها ... فالدنيا بالتفاخر والمال... والآخرة بالعبادة والتصديق والأعمال....... فالإسراء والمعراج صادقين ومصدق بهما .. وإلى لقاء آخر باذن الله....